فى مئوية داووُد تكلا.. الآثار لا تحرك ساكنًا بترميم منشآته التعليمية
تمر فى 18 سبتمبر الحالي، مئوية داووُد تكلا، ذكري مرور مائة سنة على وفاته 1856 ــ 1924،وقد سبقت أفكار الرجل الإصلاحية والتنويرية؛ عصره وأدخل التعليم العام على نفقته الخاصة، إلى مسقط رأسه بهجورة، شمال قنا، منذ نهايات القرن التاسع عشر.
إذ شيد مدرستين فى حياته واحدة للإناث وأخري للذكور، وأوقف عليهما 105 أفدنه من أملاكه للإنفاق والتشغيل وأجور المُعلمين والمُعلمات الذين كان يستقدمهم من القاهرة، وخطط داووُد لإنشاء مدرسة ثانوية لتكون نواة لجامعة للإقليم، ولكن القدر لم يمهله.
فنفذت قرينته سيدة فلسطين ونجلته منيرة، ذلك المشروع بعد رحيله، وتم تشغيل المدرسة 1929 بوقف خيري يُقدر 200 فدان، للإنفاق والتشغيل والصيانة، لتكون مدرسته الثانوية بقرية بهجورة هي الثانية في الإقليم؛ بعد مدرسة فؤاد الأول بمدينة قنا 1927.
مطالبات سابقة بالترميم والصيانة:
وفي وقت حثت السيدة نللي تكلا، حفيدة داوُود تكلا سيداروس، أحد أفراد النخبة المصرية فى القرن الماضي، وزارة السياحة و الآثار، العناية بالمنشآت التعليمية التي أسسها جدّها بدءً من سنة 1903 فى قرية بهجورة، مسقط رأس العائلة، شمال غرب محافظة قنا.
وقالت «تكلا» فى تصريحات السالفة، والتي اختصت بها «الوفد» إن المدرسة الثانوية التي ضمتها وزارة السياحة والآثار، ضمن المواقع الأثرية التابعة لها فى 2005، لم تحظ بأي ترميم أو صيانة منذ هذا التاريخ، رغم تعرضها لعوامل الإتلاف الطبيعي والبشري كونها مازالت مستخدمة كمنشاة تعليمية تستقبل التلاميذ، وتتبع وزارة التربية والتعليم.
وأضافت أنه من الغريب أن يكون تمثال جدها مؤسس المدرسة وصاحب الأيادي البيضاء بأعماله الخيرية؛ محتجزًا فى قفص حديدي فى ردهة الدخول إلى المدرسة!
تمثال فى قفص حديدي:
ويلفت تمثال داوُود بك تكّلا نظر إنتباه الزوّار الجدد بمدرسته الثانوية المشتركة بقرية بهجورة التاريخية شمال غرب قنا، ليس فقط لجمالياته كونه من الرخام الأبيض ودقة نحته وما عليه من كتابات بالنحت البارز تخلد ذكري صاحبه باللغتين العربية والإنجليزية، إنما كونه داخل قفص حديدي في صحن المبني الرئيسي فى المدرسة!
فى شتاء 2016 حاول اللصوص سرقة الجزء العلوي من التمثال الرخامي البديع من صحن المدرسة التي تعد موقعًا أثريًا يتبع وزارة السياحة والآثار، بموجب قرار رئيس الوزارء رقم 1723 لسنة 2005، غير إنه تم إحباط المحاولة وإعادة الثمثال إلى مكانه، ومنعاً لسرقة التمثال مجددًا لجئت إدارة المدرسة إلى بناء قفص من الحديد المفرغ وإحاطت به تمثال داوُود بشكل يُثير تندر زوّار المدرسة وكذلك أسئلة أخري بشأن مستقبل ووضعية ذلك الموقع الأثري الذي يقدر عمره بنحو 94 سنة.
من هو داووُد تكلا؟
وداوُود تكّلا سيداروس هو أحد أعيان محافظة قنا فى القرن الماضي، حاز ملكية كبيرة من الأراضي الزراعية ونال رتبة البكوية، واهتم بالتعليم وبني مدارس بمسقط رأسه بقرية بهجورة كان أخرها مدرسته الثانوية التي شرع فى تأسيسها سنة 1891 ميلادية وأوقف عليها عدداً من أملاكه التي كانت تتجاوز ألفين فدان للإنفاق عليها، غير إنه توفي فى عرض البحر أثناء سفره إلى فرنسا للعلاج، فاستكملت زوجته سيدة فلسطين وكريمته منيرة، البناء وتم تشغيل المدرسة يناير 1929.
حاز داووُد على وسام جوقة الشرف من الجمهورية الفرنسية، ورشحه مدير قنا/محافظ فى ذلك الوقت، لنيل رتبة البكوية تكريماً له لتقديمه خدمات للحكومة المصرية، وحازها من الخديوي عباس حلمي الثاني.
وعلى عكس الشائع، لم يلق البحارة الفرنسيين بحثمان داووُد فى البحر المتوسط عقب وفاته على متن سفينة أثناء رحلته العلاجية إلى فرنسا، بل جلبت أسرته جثمانه ودفن بمقبرته فى جباّنة الشاطبي.
دمثال داود ومدرسته